قضيت سنوات طويلة من عمري أبحث عن الحقيقة، أتنقل بين الأفكار والتيارات، أعيش حالة الاستقطاب والتجاذب، وأجرب كل ما ظننته طريقًا للخلاص أو مشروعًا للنهضة، كنت ولا زلت مؤمنًا أن هذه الأمة تستحق الأفضل، وأنه لا يجوز لنا أن نيأس من واقعها.
عاصرت مرحلة ما بعد ما سمي بالربيع العربي، بكل آماله وآلامه ، وكنت من أكثر المتحمسين لما جرى في 7 أكتوبر، ظننت أنه فجر جديد لكنه سرعان ما تحول إلى ليل دام ، وبعد أن رأيت النتائج الكارثية، قررت أن أراجع فكري بالكامل.
وجدت أن التشيع السياسي، بما يحمله من مشروع خارجي مغلف بشعارات المظلومية والتحرر، هو أحد أخطر الأسباب لما يحدث في منطقتنا ، هذا المشروع لا يستهدف نصرة فلسطين بقدر ما يستغلها لاختراق الأمة من داخلها، وتمزيق نسيجها، وضرب دولها الواحدة تلو الأخرى.
نعم، فلسطين في وجدان كل مسلم، والخذلان العربي لا يُغتفر ، لكن لا يجوز أن يكون الرد على هذا الخذلان هو هدم المعبد فوق رؤوس الجميع، أو تبرير تدمير ما تبقى من أنظمة تحافظ ولو بحدها الأدنى على الهوية والدين ومعيشة الناس.
من هذا المنطلق، أعلنها بوضوح لن أعارض أي نظام عربي بعد اليوم، مهما اختلفنا معه ، فبقاء هذه الأنظمة، بحدها الأدنى من الاستقرار، خير من الفوضى التي تنتجها أدوات المشروع الإيراني في اليمن، وسوريا، والعراق، ولبنان.
إيران لن تستطيع تصدير مشروعها لا إلى أوروبا، ولا إلى أمريكا اللاتينية، لكنها تجد بيئة خصبة في خاصرتنا العربية، حيث تختلط العاطفة بالدين، ويُغلف التخريب بعباءات المقاومة.
فلنكن يدًا واحدة في حماية هويتنا العربية والإسلامية، ولنرفض أي تدخل بعمامة أو بزُنار يعبث بعمقنا، ويستغل آلامنا لقد تعلمت الدرس، ولن أغفر لنفسي أن أكون شاهد زور على إسقاط نظام عربي آخر.
فلنُصلح من الداخل، ولنُرمم ما تهدّم، فهذه الأمة أضعف من أن تتحمل حروبًا بالوكالة، وأقوى من أن تستسلم للأجنبي.
أردت كتابة هذا النص لإعلان مرحلة جديدة في حياتي